31‏/10‏/2009

صناعة الخزف المزجج (السيراميك والزجاج)


اشتهرا لفنانون في العصــــــــــر العباسي بصنـــــاعة الخــــــزف المزجج وبرعــــــــــوا فيه ،


وكانت صناعة الخزف في سامراء وصلت إلى مرحلة التطور والازدهار ولا سيما في القرن الثالث للهجرة(التاسع للميلاد) . وتتميز هذه الصناعة بالدقة والبراعة في التلوين أو التزجيج ، وكما امتازت بتنوع أشكالها وجمال زخرفتها،وتعدد ألوان دهانها ، ومن أشهر أنواع هذه الخزفيات ما هو معروف باسم الخزف المحلي بزخارف ذي البريق المعدني ، ويعد هذا الخزف من الابتكارات العظيمة التي اهتدى إليها الخز فيون المسلمون في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين .


ويمكن اعتبار سامراء فرعا للمدرسة العراقية في صناعة الخزف ذات البريق المعدني التي كانت بغداد. مركزه الرئيس ، ويصفه(ديماند) في كتابه الفنون الإسلامية بقولة: (( تعد القطيع المتعددة الألوان أجمل ما أنتجته سامراء من أنواع الخزف ذي البريق المعدني، ونرى مجموعة منه باللون الذهبي والأخضر الزيتوني والأخضر الفاتح والبني المائل الى الحمرة، أما زخارفه العباسية فتتألف من تفرعات نباتية فيها تعبيرات زخرفيه على هيئة الأقماع المخروطية وأشكال أزهار بعيدة عن الطبيعة وتواريق متنوعة ومراوح
نخيلية ثلاثية الفصول ويراوح، كما اشتهرت بغداد بصناعة الخزف ذي البريق المعدني التي جلبها أحمد من أمراء بني الأغلب، ولا بد أن تكون بلاطات جامع القيروان من صناعة بغداد التي كانت تسبق في تاريخها صناعة خزف سامراء، ويمكن اعتبارها فرعا للمدرسة العراقية في صناعة الخزف ذي البريق المعدني الذي كانت بغداد مركزه الرئيس. وتدل الزخارف الغنية، والتنوع الكبير في رسوم بلاطات جامع القيروان على مقدار تفوق العراق في صناعة الخزف ذي البريق المعدني في الصف الأول من القرن التاسع. وهناك مجموعة أخرى تفوقت على بلاطات جامع القيروان وهي من خزف سامراء، ومرسومة ببريق معدني ياقوتي اللون يوجد في أغلب الأحيان مع اللون الأصفر والأخضر والذهبي والأرجواني. ولم يقتصر مثل هذا الجمع بين الألوان الغنية على الأواني فحسب بل وجد كذلك على بلاطات استخدمت في تزيين جدران قصر سامراء. وفي متحف برلين أمثلة كثيرة من هذا النوع
وفي متحف المتر و بوليتا بنيويورك ايضآ، ويقول ديماند(كان العراق ، وعلى الأخص بغداد،يعد أكبر
مركز لإنتاج هذا النوع الفاخر من الخزف في القرن التاسع )) ويقول إن إنتاج إيران من هذا النوع المتعدد الألوان والمصنوعة وفق الأساليب العراقية ))، ويقول ايضآ: ((وتدل حفريات نيسابور على أن خزافي إقليم خراسان قلدوا ذلك النوع من خزفهم المرسوم تحت الدهان ))، (( وأما ما عثر عليه بمصر ولا سيما في الفسطاط والبهنسا وبعض الأماكن المصرية الأخرى من الخزف ذي البريق المعدني المتعدد الألوان فمن الراجح أنه مستورد من العراق)).
وانتقل استخدام هذا النوع من الطلاء العراقي الجديد إلى أوروبة ايضآ، وهذا ما أثبته لنا العالم الانكليزي
(آرثر لين) الذي كان أمينا لقسم الخزف بمتحف فيكتوريا والبرت بلندن، ولدى هذا العالم مؤلفات عديدة في الخزف الإسلامي، وأثبت ذلك في كتابة حيث يقول فيه: ((اتجه الأوروبيون إلى الخزف الإسلامي واستعانوا بخزافين من الأندلس وتتلمذوا عليهم وعرفوا منهم أسرار هذا الصناعة، وكان من بين ما تعلموه الغضار المذهب. الذي ولد في العراق ومنها انتشر إلى أرجاء العالم الإسلامي، ثم العالم الغربي بعد ذلك . ويتجلى تأثير الخزف العراقي البراق في صحن مطلي بالبريق المعدني الأصفر و الأزرق صنع لأمير من أسرة أجلي في فلورنسا محفوظ في متحف فكتوريا
والبرت في لندن.
واقتبس هذا النوع من الخزف الايطاليون، ونشأت مصانع لهذا الغرض في جوبيو، وقلد الايطاليون أيضا طريقة الرسم بالحفر في صناعة الخزف . وكان للخزف العراقي الأثر الكبير في تطور الخزف في أوروبة، فقد جاء إليهم عن طريق الأندلس، ونقلها عنهم الايطاليون في القرن الخامس عشر الميلادي. واشتهرت الموصل بخزف البربوتين كالخوابي والحباب والزمزميات والجرار التي كانت تستخدم في خزن الماء والنبيذ في العصر السلجوقي(447-590هـ/1055-1192م)،وشاع في هذا العهد استخدام مثل هذا الخزف ذي الرسوم البارزة المصنوعة بالفر طاس أو القمع، وتشمل أشكالا حيوانية وطيورا مختلفة مفرعة كالأسد والكبش والطاووس والحمام، وحيوانات خرافية كبيرة وكانت توضع هذه الأشكال حول الإناء،أو في موضع قريب من فوهته ، واستخدمت أشكالا زخرفيه هندسية جميلة. ونلحظ أيضا في بعض الأواني الخزفية العراقية على النصف الأعلى شكل نساء بوجه كامل مصور على سطوحها الخارجية ، ويبدو على صدورهن ورؤوسهن حلى مختلفة، ويمكن ملاحظة مثل هذه الرسوم على النقود الاتابكيه، وكانت الرسوم تثبت على الإناء،وهناك حباب ماء مختلفة عثر على أحدها في قرية كبيرة تقع غربي الموصل على بعد 25كم, ومعظمها مزينا برسم حيوانات خرافية كبيرة بارزة ، ومحفوظ بعض هذه الأنواع من الفخار في المتحف العراقي ببغداد والموصل ,وان طريقة نحت الرسوم البشرية والحيوانية في الأعمال الفخارية تعلمها العراقيون عن السلجوقيين,وكان الفخاري العراقي عبد المنعم وهو من الشمال , مشهورا بصناعة هذه الأنواع الفخارية , وقد وجد اسمه مكتوبا على جزء من حب موجود في متحف الموصل .
ويعتبر خزف الشرق الأدنى الذي كانت الموصل مركزا من مراكز صناعته الثروة الخزفية الكبيرة التي امتازت بها منتجات ذلك العصر,وفضلا عن ذلك فقد اشتهر الخزافون العراقيون في صناعة أنواع أخرى من الخزف ( الاكالفياتو) والسيلادون والبورسلين ,وصنعوا أجرار الباربوتين,واشتهرت مدينة الرقة في سورية بخزفها , فقد كانت تعد مركزا هاما لصناعة الخزف.والى جانب الرقة نجد مدينة الرصافة الواقعة في صحراء سورية على مقربة من الرقة معروفة بهذه الصناعة .
وفي مصر كانت مدينة الفسطاط (مصر القديمة) مشهورة بصناعة الخزف,وأمدتنا أثارها بنماذج جيدة من خزفها,ووصلتنا من العصر الطولوني قطع فخارية أيضا.وبلغت صناعة الفخار والخزف ذروتها في العهد الفاطمي منها نماذج رائعة محفوظة في متحف الفن الإسلامي في القاهرة , ومن هذه النماذج قطع ذات بريق معدني.وأتمرت صناعة الفخار والخزف في عصر الأيوبيين والمماليك في القرون(12-15) وموزعة نماذج منها في متاحف العالم.وقلد المصريون نوعي البرورسلين والسيلادون الصيني ,وكانا من الأنواع الشائعة في مصر ,ويبدو هذا واضحا في الأواني المدهونة بطلاء من لون واحد.وعلى حيت يختفي استخدام البريق المعدني تماما في مصر , كما يقول (ديماند) في كتابه( الفنون الإسلامية ص218) .
كما برزت سورية أيضا في صناعة الخزف في هذا العصر حيث نجد واحدة من نماذجها تضمها مجموعة ( الكونتيسة دي بيهاج) بباريس تمثل زهرية من بريق معدني ذهبي فوق أرضية زرقاء,عليها كتابة كوفية بحروف كبيرة فوق أرضية زرقاء,وعلى أرضية جميلة من التفريعات النباتية كما أشار إليها ديماند في كتابه نفسه,ومن الأنواع المملوكية السائدة في القرنين الرابع عشر والخامس عشر عدد من الأواني المصنوعة من طفل بني احمر مدهون بطبقة بيضاء,عليها طلاء قصديري شفاف مائل إلى الاصفرار أو الاخضرار كما يقول ديماند أيضا.


ولمشاهدة المزيد


وصور للاعمال


إليكم الرابط التالي



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts with Thumbnails